روي عن الرسول (ص) إنه لما أخبر ابنته فاطمة الزهراء (ع) عن حالة ولدها الحسين من بعدها وما يجري عليه من المحن والبلاء، جعلت تبكي عليه بكاءً شديداً. فقالت: يا أبتاه ومتى يكون هذا في ولدي الحسين؟ قال(ص): يكون في زمان قد خلي مني ومنك ومن علي. فاشتدّ حزنها وبكاؤها، ثم قالت: ومن يبكي على ولدي ومن يقيم العزاء عليه؟ قال (ص): يا فاطمة، إن نساء أمتي يبكين على نساء أهل بيتي، ورجال أمتي يبكون على رجالهم ويجددون العزاء عليهم جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة، فإذا كان يوم القيامة أنت تشفعين للنساء وأنا أشفع للرجال، فكل من بكى على الحسين وأقام مأتمه أخذت بيده وأدخلته النعيم، يا فاطمة كل عين باكية يوم القيامة إلا عين بكت من خشية الله، وعين غضت عن محارم الله، وعين سهرت في طاعة الله، وعين بكت على مصاب ولدك الحسين فإنها ضاحكة مستبشرة بنعيم ربها يوم القيامة...
في يوم عاشوراء (61هـ) وقف الإمام الحسين(ع) كأول خطيب حينما دعا براحلته فركبها ونادى بصوت عال يسمعه جلّهم: (أيها الناس، اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم عليّ، وحتى أعتذر إليكم من قدومي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم عليّ سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إليّ ولا تنظرون، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين.. الخ)(1)، وبعد الحسين تقدم أصحابه وكان أول خطيب منهم زهير بن القين حينما خرج على فرس ذنوب وهو شاك من السلاح فقال: (يا أهل الكوفة؛ نذار لكم عذاب الله، حقاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن الآن إخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف.. الخ) (2).
في مسلسل المواجهة مع الدين الإسلامي الحنيف وآل البيت الكرام، لم يكتف شرار بني أمية وأعوانهم بارتكاب يزيد الظالم جريمته الكبرى بقتل الإمام الحسين(ع) وأصحابه وأبنائه وذويه والتمثيل بجثثهم، بل سعوا ومن تبعهم من قوى الشر والضلال وطوال القرون الماضية إلى شن حملات شيطانية شرسة، وفي جزء من خطة خبيثة شاملة ضد الإسلام والفكر الشيعي بالذات إذ تعرض إلى محاولات الدس الرخيصة والافتراء والأكاذيب، وإلى شتى فنون التشويه والمسخ، وإلى مختلف أنواع التحديات، استهدفت بالأساس استئصال روح الإسلام وذكرى الحسين الشهيد من قلوب وعقول المسلمين، وإبعادهما كلياً عن عقل الإنسان العربي والمسلم وإحلال أفكار حاقدة مسمومة بدلهما.
لذلك كان الواجب يقتضي التصدي للقوى الظلامية الجائرة، والوقوف بوجهها بقوة وصلابة، وتفنيذ دعايتها الواهية وبذل كل الجهود والإمكانيات في سبيل حفظ وحماية التراث الإسلامي والحرص الكبير على صون فكر وأهداف الإمام الحسين (ع) وقيم ثورته المجيدة، فكان (المنبر الحسيني) أحد أهم المكاسب وأروع المعطيات التي حققتها حادثة الطف.. المنبر الذي غدا منذ لحظة قيامه منطلقاً لتوجيه الأمة وإرشادها نحو الطريق القويم، وغرس النزعات الخيرة في نفوس المسلمين، قال رسول الله (ص): (إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً) (3).
لذا فإن الحزن على الحسين (ع) ليس (بدعة)، بل شهادة صادقة على عظمته.. وهذا بحد ذاته إعجاز خارق لسنن الحياة وقوانين الحزن على المصائب.. فلم يزل سيد الشهداء حياً في قلوب المسلمين، لم تضمحل ذكراه بمرور الزمن، وظل الحزن على الحسين الجذوة التي تبقي المؤمن وفياً لأهداف الثورة الحسينية الرائدة..
(إن توثيق صلة المؤمنين بالإمام الحسين عبر دمعة ساخنة تثير أحاسيسهم باضطهاد الحق، وتشحنهم بحرارة الإيمان، وهي بذات الوقت تذيب أسس الظلم لينهار صرحه بفعل تلك الدمعة ومن هنا كان الفعل والفعل المضاد
في يوم عاشوراء (61هـ) وقف الإمام الحسين(ع) كأول خطيب حينما دعا براحلته فركبها ونادى بصوت عال يسمعه جلّهم: (أيها الناس، اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتى أعظكم بما هو حق لكم عليّ، وحتى أعتذر إليكم من قدومي عليكم، فإن قبلتم عذري وصدقتم قولي وأعطيتموني النصف من أنفسكم كنتم بذلك أسعد، ولم يكن لكم عليّ سبيل، وإن لم تقبلوا مني العذر ولم تعطوا النصف من أنفسكم فاجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إليّ ولا تنظرون، إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين.. الخ)(1)، وبعد الحسين تقدم أصحابه وكان أول خطيب منهم زهير بن القين حينما خرج على فرس ذنوب وهو شاك من السلاح فقال: (يا أهل الكوفة؛ نذار لكم عذاب الله، حقاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم، ونحن الآن إخوة على دين واحد ما لم يقع بيننا وبينكم السيف.. الخ) (2).
في مسلسل المواجهة مع الدين الإسلامي الحنيف وآل البيت الكرام، لم يكتف شرار بني أمية وأعوانهم بارتكاب يزيد الظالم جريمته الكبرى بقتل الإمام الحسين(ع) وأصحابه وأبنائه وذويه والتمثيل بجثثهم، بل سعوا ومن تبعهم من قوى الشر والضلال وطوال القرون الماضية إلى شن حملات شيطانية شرسة، وفي جزء من خطة خبيثة شاملة ضد الإسلام والفكر الشيعي بالذات إذ تعرض إلى محاولات الدس الرخيصة والافتراء والأكاذيب، وإلى شتى فنون التشويه والمسخ، وإلى مختلف أنواع التحديات، استهدفت بالأساس استئصال روح الإسلام وذكرى الحسين الشهيد من قلوب وعقول المسلمين، وإبعادهما كلياً عن عقل الإنسان العربي والمسلم وإحلال أفكار حاقدة مسمومة بدلهما.
لذلك كان الواجب يقتضي التصدي للقوى الظلامية الجائرة، والوقوف بوجهها بقوة وصلابة، وتفنيذ دعايتها الواهية وبذل كل الجهود والإمكانيات في سبيل حفظ وحماية التراث الإسلامي والحرص الكبير على صون فكر وأهداف الإمام الحسين (ع) وقيم ثورته المجيدة، فكان (المنبر الحسيني) أحد أهم المكاسب وأروع المعطيات التي حققتها حادثة الطف.. المنبر الذي غدا منذ لحظة قيامه منطلقاً لتوجيه الأمة وإرشادها نحو الطريق القويم، وغرس النزعات الخيرة في نفوس المسلمين، قال رسول الله (ص): (إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً) (3).
لذا فإن الحزن على الحسين (ع) ليس (بدعة)، بل شهادة صادقة على عظمته.. وهذا بحد ذاته إعجاز خارق لسنن الحياة وقوانين الحزن على المصائب.. فلم يزل سيد الشهداء حياً في قلوب المسلمين، لم تضمحل ذكراه بمرور الزمن، وظل الحزن على الحسين الجذوة التي تبقي المؤمن وفياً لأهداف الثورة الحسينية الرائدة..
(إن توثيق صلة المؤمنين بالإمام الحسين عبر دمعة ساخنة تثير أحاسيسهم باضطهاد الحق، وتشحنهم بحرارة الإيمان، وهي بذات الوقت تذيب أسس الظلم لينهار صرحه بفعل تلك الدمعة ومن هنا كان الفعل والفعل المضاد